التحكيم الالكتروني

مفهوم التحكيم الإلكتروني:

يعرف التحكيم بأنه وسيلة يتم بموجبها تسوية المسألة محل النزاع ويعهد بهذه المسألة إلى شخص أو أكثر يسمى المحكم أو المحكمين شريطة اتصافهم بالحياد، ويقوم المحكمين بتسوية المسألة محل النزاع وفق الاتفاق المبرم بينهم وبين المحتكمين، ويكون حكمهم نهائياً وملزماً للأطراف. وحيث تقوم التجارة الإلكترونية على السرعة في إبرام العقود وتنفيذها، ولا يتماشى ذلك مع بطء إجراءات القضاء العادي، تظهر أهمية التحكيم الإلكتروني لما يتميز به من سرعة ومرونة لا تتوافر في القضاء العادي، حيث لا يلزم في التحكيم الإلكتروني انتقال أطراف النزاع أو الحضور المادي أمام المحكمين بل يمكن سماعهم عبر وسائط الاتصال الإلكترونية عبر الأقمار الاصطناعية.

ظهرت فكرة التحكيم الإلكتروني كأسلوب حصري لحسم المنازعات التي تنشأ نتيجة استخدام الإنترنت في المعاملات الإلكترونية مقارنة بالأساليب الأخرى لحل المنازعات كالمفاوضات الإلكترونية والوساطة الإلكترونية والذي يسمح باستخدام التقنيات الإلكترونية دون حاجة إلى انتقال أو تواجد الأطراف في مكان التحكيم


لا يختلف التحكيم الإلكتروني في جوهره عن التحكيم التقليدي فكلاهما وسيلة من وسائل البديلة لفض النزاعات والتحكيم الإلكتروني هو ذلك الاتفاق الذي بمقتضاه يتعهد الأطراف بأن يتم الفصل في المنازعات الناشئة بينهم أو المحتمل نشوؤها من خلال التحكيم ويكون اتفاق التحكيم دوليا إذا كانت المنازعات تتعلق بمصالح التجارة الدولية. وقد عرفه سامي عبد الباقي أبو صالح أنه ذلك التحكيم الذي يتفق بموجبه الأطراف على إخضاع منازعاتهم الناشئة عن صفقات أبرمت في الغالب الأعم بوسائل إلكترونية إلى شخص ثالث يفصل فيها بموجب سلطة مستندة ومستمدة من اتفاق أطراف النزاع وباستخدام وسائل اتصال حديثة تختلف عن الوسائل التقليدية المستخدمة في التحكيم التقليدي.
وعلى ذلك إن التحكيم الإلكتروني هو عبارة عن نظام قضائي من نوع خاص، ينشأ من الاتفاق بين الأطراف ومن خلال الوسائل الإلكترونية على إحالة النزاع وبشكل اختياري لفض النزاع القائم بينهم والمتعلق في الغالب بالتجارة الإلكترونية ويصدر الحكم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة.وإذا كان التحكيم الإلكتروني يتم عبر وسائط إلكترونية فإنه لا يوجد ما يمنع من أن يتم بأكمله أو في بعض مراحله إلكترونيا، وفي مراحل أخرى بالطرق التقليدية التي تتمثل في التواجد المادي لأطراف العملية التحكيمية.
ومن المسائل التي يتم بشأنها التحكيم الإلكتروني، على سبيل المثال لا الحصر، المنازعات الناجمة عن الإخلال ببنود العقود الإلكترونية، وحقوق والتزامات كل طرف، ومسؤولية مزودي خدمة الإنترنت، ونزاعات أسماء النطاق، وحقوق الطبع، والخلافات حول السداد الإلكتروني.

من التطبيقات القضائية نذكر منها تسجيل العلامة التجارية الشهيرة TOYOTA كعنوان إلكتروني www.toyota.com من قبل شخص لا يملك الحق في هذه العلامة وهي القضية التي نظرها مركز الوايبو للتحكيم والوساطة، وتسجيل العلامة التجارية المشهورة ADIDAS في العنوان الإلكتروني www.pepsicola.com.وقرار مركز التحكيم والوساطة الوايبو بشطب العنوان الإلكتروني www.sheel.com لاعتدائه على العلامة التجارية المشهورة Sheel إذ إن الخطأ الطباعي لدى المستخدم قد ينقله إلى الموقع الجديد الذي قد يفيد من شهرة هذه العلامة في جذب الزوار بما يتأكد معه سوء النية في التسجيل.
يهدف التحكيم الإلكتروني إلى تنقية وتأمين بيئة العمل الإلكتروني وما يتصل بها من خلال تسوية وـ أو حل المنازعات الإلكترونية القائمة، وتقديم الخدمات الاستشارية، التي من شأنها منع حدوث المنازعات، من أجل مجتمع رقمي معافى، وذلك من خلال تقديم خدمات التحكيم عن طريق محكمين خارجيين عبر وسائط الاتصالات الإلكترونية لتسوية و-أو حل المنازعات الناشئة عن علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي، سواء كانت علاقة عقدية أو غير عقدية، سواء كانت في القطاع العام أو الخاص أو بينهما مثل الاستجابة لطلب جهات لتكملة عقد معين به بعض أوجه النقص، أو لمراجعة أحكام عقد معين في ظل ظروف معينة قد نشأت بعد إبرامه، فضلاً عن تقديم الخبرة الاستشارية في النظم والتقنية المعلوماتية والحوسبة التطبيقية للجهات القانونية، مثل المحاكم المختلفة (على غرار ما تقدمه مكاتب المحاسبة والمراجعة للمحاكم من خبرة محاسبية في النزاعات المنظورة أمامها ذات الصبغة المحاسبية البحتة).

والحقيقة أننا لا نميل إلى تسمية التحكيم الذي يتم باستخدام الوسائل التقنية الحديثة ومنها شبكة الإنترنت

لأنها تعطي انطباعا يفيد بكون عملية التحكيم تتم بصورة آلية دون تدخل العنصر البشري، مع أن الواقع هو إجراء عملية التحكيم بكل ما فيها من أساليب تقليدية، مع فارق جوهري يتمثل بكون الواسطة التي يتم عبرها هي شبكة الإنترنت الدولية، ولهذا فإن مصطلح التحكيم عبر الإنترنت يمكن أن يكون أكثر دقة في التعبير عن حقيقة المقصود، ويصدق القول ذاته، على التفاوض عبر الإنترنت والوساطة عبر الإنترنت
يهدف التحكيم الإلكتروني إلى توفير بيئة آمنة وسلسة للعمل الإلكتروني والمتصل به، عبر تسوية أو حل المشاكل والنزاعات التي تحدث عبر هذه البيئة. كما يقدم خدمات استشارية لتجنب حدوث المشاكل، من أجل المساهمة في بناء مجتمع رقمي صحي، وذلك عبر توظيف محكام خارجيين يستخدمون وسائط الاتصالات. استخدام التقنية لتسوية النزاعات المتعلقة بالمسائل القانونية والاقتصادية، سواء كانت هذه المسائل مرتبطة بعلاقات عقدية أم غير عقدية في الشركات الخاصة والحكومية. ويشمل ذلك الرد على طلبات من شركاء لإجراء تعديلات في بعض جوانب العقود المبرمة، أو مراجعة الشروط والأحكام التي تم التفاهم عليها في حالة حدوث ظروف جديدة بعد إبرام هذه العقود. ولا يخفى أن هذه التكنولوجيا تستغل بهدف تسهيل حلول فورية لهذه المسائلا المتصلة بالأنظمة القانونية والإجرائيَّاتِ. تقدم خبراء النظم والتقنية المعلوماتية والحوسبة التطبيقية استشاراتهم للمؤسسات القانونية، مثل المحاكم المختلفة، في شأن الصراعات التي تتطلب مهارات حاسبة ونزاهة محاسبية، مشابهًا لهذا الدور الذي يؤديه أخصائيو المحاسبة على حد التخصص في هذه المجالات.

التقنية الحديثة، مثل شبكة الإنترنت، قد تُستخدم في التحكيم، ولكننا لا نفضل تسميته “إلكتروني”. لأن ذلك يُعطي انطباعًا بأن العملية تجرى بشكل آلي دون وجود عامل بشري. والحقيقة هي أنه يجرى التحكيم باستخدام أساليب تقليدية مع استخدام الوسائط التقنية. والفارق الجوهري هو استخدام التقنية كوسيلة. يتم الإشارة في هذا النص إلى شبكة الإنترنت الدولية كوسيلة من وسائل التحكيم عبر الإنترنت وقد أُشير إلى أنه بالإمكان استخدام مصطلح “التحكيم عبر الإنترنت” للدقة في التعبير، بالإضافة إلى التفاوض عبر الإنترنت والوساطة عبرها.