العلاقة بين التحكيم و القضاء

التحكيم والقضاء الدوليين:

في إنشاء المحاكم الدولية حتى بعد مئات السنين. لا يعد التحكيم أقل شرعية من القضاء، إذ يتم تطبيق المبادئ القانونية والإجراءات العادلة في كليهما. يختار الأطراف في النزاع غالبًا التحكيم عوضًا عن المحاكمة قصد تسوية مسألتهم بطريقة سريعة وفعالة، خصوصًا في حالة وجود مشكلات تتهم فيها دولتان أو أكثر بخلاف حول اتفاق دولي مشابه، أو في حال رغبة الأطراف في عدم تصعيد نزاعهم لذروة استخدام قوى عسكرية. بعد الاتفاق على تسوية الخلافات القائمة بينهم أمام المحكمة الدولية، وتحديداً قبل انشاء المحكمة الدائمة للعدل منذ 70 عامًا، يصعب التفريق بين دور التحكيم والقضاء إذا نظرنا إلى ذلك من الجانب التحليلي والوظيفي.

يمكن تعريف التحكيم على نحو عام بأنها طريقة لتسوية نزاع بين فردين أو أكثر وفقًا للقانون الدولي، حيث يتم إصدار حكم من قِبَل محكم أو مجموعة من المحكَّمين يتم اختيارهم من قِبَل الدول المتضاربة.

يمكن توضيح المعنى العام للقضاء الدولي كأسلوب للحسم في نزاع بين شخص أو مجموعة من الأشخاص في سياق القانون الدولي، باستخدام حكم قانوني صادر عن هيئة دائمة تتألف من قضاة مستقلين وذلك بطريقة مستقلة تمامًا عن إرادة المتشاجرَيْn.

يمكن اعتبار أن التحكيم والقضاء يشتركان في عدة نقاط متفق عليها، ولكنهما يختلفان في بعض الجوانب الأخرى.

أما نقاط الالتقاء فتتجلى فيما يلي:
حل المنازعات، ومن ضمن هذه الأساليب التحكيم والقضاء، وهما سيلتان سلميتان لحل المنازعات الدولية. يرى فقهاء القانون الدولي أن التقسيم يتكون من قسم سياسي وآخر قانوني، حيث إن القسم الثاني هو الذي يستجاب للحلول القانونية فحسب. كثيرٌ من اتفاقات التعامل بين دول متعددة تتبع أساليب مختلفة لحلّ المنازعات المستجدة. تعريف المنازعات القانونية يشير إلى المشكلات القانونية العامة في المادة 16 من اتفاقية لاهاي لعام 1899 والمادة 38 من اتفاقية عام 1907. وتشمل هذه المشكلات بشكل خاص الخلافات التي تنشأ حول تطبيق أو تفسير المواثيق الدولية، والتي يُطلب لها التحكيم كحلّ للخلاف. هناك عدة اتفاقات دولية قد جرى إبرامها بهذا الصدد. تتطرق هذه الزيادة إلى تحليل المنهج الذي يتبع في تحديد حدود التحكيم في المنازعات، لكنّ الاتجاه الحالي يرتكز على التركيز الأوضح على تقدير المشاكل المتعلقة بالموارد والإختصاصات الدولية، وذلك بمستوى دقة أفضل من خلال منظومة المحكمة الدولية لتوفير إجابات مؤهِّلة.

إن كل من التحكيم والقضاء هما طريقة لحل النزاعات الدولية بين شخصين أو أكثر طبقًا للقانون الدولي. ورغم ذلك، فإن بعض المؤلفين يذكرون فقط الدول كأشخاص في هذا القانون. وهذا يعتبر تصورًا قديمًا كان يتجاهل وجود أشخاص غير دول في هذا المجال. وهذه الفكرة المحدودة معروفة جدًا، حتى أصبحت مستحيلة للاستمرار في التفادي على المدى الطويل. خصائص الدول السيادية. ومن هنا، أوجدت هذه المنظمات رقعة صلاحيات جديدة في مجال ضبط وحل النزاعات بين الدول أو المحافظة على الأمن والسلم الدولي، كما تطور دورها في حفظ حقوق الإنسان وتطوير التعاون بين الدول عبر أفرادهم. الحقوق لها ضمنها بعض الواجبات التي تحكمها مبادئ النظام الأساسي الذي يستند إلى اتفاقية دولية. وبالتالي، يعكس الفقه الحديث هذا الميل نحو الإعتراف بإطار هذه المنظمات كـ أشخاص للقانون الدولي على قدم المساواة مع الدول، على الرغم من أنه في وجود حالة عدم المساواة في وضعٍ أصوليّ، فإنّ ذلك ليس ببراغماتية.

“بعد صدور فتوى من محكمة العدل الدولية في عام 1949 في قضية التعويضات المترتبة جراء القيام بخدمة لمصلحة الأمم المتحدة (قضية الكونت فولك برنادوت)، تشجع هذا الاتجاه. وقالت المحكمة أن الأمم المتحدة لديها حق في مقاضاة دول أخرى إذا تسببوا في اضرار على موظفيها في أراضي هذه الدول.” بلدان فقط بل بين الأفراد والمؤسسات الدولية أيضًا. ومن المهم أن يتم كسب الموافقة العامة لهذه الفكرة لتحقيق التغيير في قانون الدول الدولي. يرون أن القواعد الدولية لا تنطبق عليهم بشكل مطلق، إلا أنّهم قد يتأثرون بالتزامات دولهم وبالاتفاقيات التي تسري على دولهم. محكمة معينة، تشمل حقوقهم من حق تنظيم المصير وحقوق الإنسان، التي يحرص على حمايتها القانون الدولي. وعلى رأس هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان يأتي لوترباخت، الذي يأمل في إبداء مزيد من التفكير والدراسة في مجال قانون الأمم المتحدة بخصوص هذه الحقوق. إلا أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان سيرى تطورات ثورية في هذا المجال أم لا. تعنى هذه العبارة بالحكم الصادر من محكمة أو لجنة تحكيم في إقليم ما وتختص بالنزاعات المتعلقة بتلك المنطقة.
من أي طرف آخر بينما يستخدم التحكيم والقضاء الدوليان قواعد محددة وقائمة على القانون لإصدار قرارات حاسمة. علاوة على ذلك، فإن التحكيم والقضاء الدوليان يوفران مساحة أكبر للتفاوض على حل وسط للنزاع بدلاً من البحث عن الفائز في المنازعة. ثالثاً قد يساعد في تهدئة النزاع وتقليل حدته، لكنه لا يستطيع أن يحل أي نزاع بمفرده، وإذا حدث ذلك فإنه سيكون حلاً مؤقتًا وغير دائم. لذلك، يجب على الطرف الثالث أن يسعى إلى المساعدة في تشجيع الأطراف على التفاوض بصورة وديّة والبحث عن حلول مرضية لجميع الأطراف. ، يظل قرار الدولتين هو الفاصل في النهاية لحل النزاع. ومع ذلك، فإن هذه المحاولات الودية لحل النزاعات يمكن أن تساهم في تجنب التصعيد والصراعات المسلحة بين الدول. مهماً في كشف بعض الأشياء، ولكن لا يمكن اعتبار هذا الرأي مصدراً لحسم النزاع، وبالتالي فهو ليس حكماً قانونياً ملزماً كقرار تحكيم أو قضاء دولي. وحتى إذا كان هناك التزام قانوني بسيط في حالة النزاع على المستوى الدولي حيث يؤدي سادة الدولة دورًأ هامًآ. يُعَدّ تقديم نزاع دولي إلى سلطة التحكيم أو القضاء الدولي، والانصياع لحكمهما، من أهمّ النتائج المترتبة على العدالة في هذا المجال. هذا التصرف يُشَكِّل إحدى طرق تَقْيِيد السُّلْطَةِ السُّورِيَة، وتأكيدًا على سلطة القانون في غضون مُخْتَلِفِ المُجَالاتِ الدولية.

تتبدى الاختلافات بين التحكيم والقضاء الدولي في بعض الجوانب، كما يلي:

،1 يتم تقديمه إلى المحكمة الدولية للنظر فيه والبت فيه بناءً على القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة بين الدول المتعاقدة. يستخدم القضاء الدولي كثيراً لحل النزاعات بشأن حدود الدول، والعلاقات التجارية والسياسية، وحفظ حقوق الإنسان، وغير ذلك من المسائل ذات المصلحة لأكثر من دولة. في التحكيم الدولي، يتم تشكيل هيئة تحكيمية مؤقتة، وفور انتهاء النزاع، تنتهي أيضًا مهمتها. ولا يُمَكِّن تغير أعضائها أو إجراءاتها في المستقبل. بالمقابل، في المحكمة التقليدية، يُصادف جدالًا وإذا عرض على المحكمة، حسب قانون المحامون في البلاد المختلفة (أو قانون الدولة) سوف تتولى حسم هذا الجدال، و لكن دور هذه المحكمة لا يقف على حساب ذلك بوجود نزالات لأطراف كثيرة بشارات مختلفة. إذا أرادت دولتان إحالة نزاعهما للتحكيم، فستتفقان على اتفاق يجمع بينهما ويشمل ليس فقط موضوع النزاع، ولكن أيضًا أسماء المحكمين الذين تَعِدُّ بهم الدولتان. وبعد إصدار قرار المحكَّم، سينْقضِى تفويضه، ولا يؤدي هؤلاء المحكمون دورًا دائمًا في مثل هذه الشؤون. بالتالي، إذا كان هُنَالِك خلافٌ جديد بين الدولتين، ستضطر إلى التحككيم مجددٍ. يتطلب الأمر توقيع اتفاقية جديدة وتعيين حكام جدد وتحديد نظام جديد وإجراءات جديدة لحل النزاع الحالي بطريقة صحيحة.
لا ينبغي للباحثين عن التحكيم أن يتغاضوا عن الأسماء التي أعطاها مؤتمر لاهاي لمؤسسات التحكيم الدولية الكبرى. كما أنه ليس دائمًا ما دام هناك أشخاص. وفي كل نزاع ، سيتم الاختيار من قائمة معدة لهذا الغرض تحتوي على اسم المرشح لمثل هذه التعيينات المؤقتة ، تقترح الأطراف في الاتفاقية إدراج اسمه في قائمة المحكمين الدوليين.

2- يؤدي الاختلاف الأول بين التحكيم والقضاء إلى اختلاف ثانٍ مهم للغاية. في القضاء ، تقف أمام قاضٍ مستقل عن رغبات الأطراف المعنية. وفقًا لنظام المحكمة الدائمة للعدالة الدولية الذي اعتمده مهندسو النظام القضائي الحالي ، تتكون المحكمة من 15 قاضياً ، بغض النظر عن الجنسية ، ينتخبهم مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. على الرغم من أن الكلمة الأخيرة في قرار التحكيم هي لشخص يختاره المحكمون أنفسهم ، فإن دور المحكمين المختارين أساسي في تكييف وقائع النزاع وضمان العدالة والعدالة. حكم قانوني يحكم القانون بطريقة لا تحقق سيادتها المطلقة. إن فكرة اختيار الدولة المتنازعة للحكمين هي مظهر من مظاهر السيادة المطلقة لدولة هيمنت منذ فترة طويلة على العلاقات الدولية ، ناهيك عن الدولة التي يبدو أنها فشلت في التوصل إلى هذا الاتفاق. مرحلة التسامي فوقه. يُلاحظ الدليل على ذلك في نظام محكمة العدل الدولية وسابقتها ، محكمة العدل الدائمة ، والذي يسمح للدولة المتنازعة بتعيين قضاة مكملين على الفور إذا: استند إلى الحكم الذي: ليس لديهم قضاة في تشكيلهم للمحاكم الدولية للتحقيق في النزاعات. ليس هناك شك حول هذا الموضوع.

3- نظرا لتوافر ميزة الدوام في القضاء ، خلافا للفقه الصادر عن تحكيم متقطع وغير متكامل ، فإن الفقه مستمر ومستمر ومتكامل مما أتاح تكوين المجتمع الدولي مرارا وتكرارا. مؤسسة ، مثل فقه المحاكم الدولية ، تنسق وتربط فقه التحكيم بطرق تساهم في نمو وتطور العدالة الدولية.

يقول البروفيسور ستون إن بعض الكتاب يصنعون فرقًا رابعًا بين التحكيم والعدالة. أي بينما يطبق القضاء القانون على وقائع النزاع ويتعامل مع الحقوق القانونية للأطراف المتنازعة ، فإن التحكيم لا يبت في هذه الحقوق. لذلك ، لا يحتاج القانون إلى أن يطبق بثبات. غالبًا ما يعتمد على مبادئ العدالة والإنصاف أو متطلبات النفعية السياسية في حل النزاعات. ومع ذلك ، فإن دراسة الوثائق الدولية والخبرة الطويلة الأمد لهاتين المؤسستين عرضة للنقد. أما القول بأن التحكيم لا يمس بحقوق الأطراف المتنازعة ، فهو مصطلح مرفوض بمنطق وجود التحكيم نفسه. أما حقيقة أن التحكيم يعتمد على مبادئ العدل والإنصاف ، وهذا ما يبعد التحكيم عن القانون ، فهو مثل يمكن الرد عليه بالرجوع إلى نص النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (المادة 38). ). ينص ، في فقرته الأخيرة ، على حق المحكمة في الفصل في النزاع على مبادئ العدل والإنصاف ، إذا أعطى كلا الطرفين الإذن للمحكمة. هل هذا يعني أنها لا تتناول جوهر القانون وبالتالي لا يؤثر على الحقوق القانونية للطرفين المتنازعين الواقع عكس ذلك تماما. وذلك لأن النصوص المتعلقة بمبادئ العدل والإنصاف هي أحد مصادر المعلومات التي تعتمد عليها المحاكم عند حل النزاعات. يدير الجوانب القانونية للعلاقات الدولية ، وإن كان ذلك كمصدر ثانوي ومشروط للمعلومات. إن القول بأن الاعتبارات السياسية تؤثر على قرارات التحكيم ، على عكس ما يحدث في القضاء ، هو مبالغة. تعاملت المحكمة وهذا النزاع مع القضايا التي نظرت فيها الدول المتنازعة في المسائل الخاضعة للولاية القضائية الوطنية للدول – في التحفظ المنصوص عليه في (المادة 36) من النظام الأساسي –